الاستجابة الطارئة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية
الأربعاء 30 تشرين الأول 2024: عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) يوماً دراسياً لمناقشة نتائج الدراسات التي نفذها حديثاً ضمن محور "الاستجابة الطارئة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية" وبتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي. ركزت الجلسة على دراسة تحسين قطاعي الصناعة والزراعة في الضفة الغربية لاستيعاب العمالة وزيادة حصة المنتج الوطني في ظل الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد الفلسطيني نتيجة العدوان المستمر على قطاع غزة. شارك في النقاش مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم. قاد فريق البحث في إعداد الدراستين د. ماهر الكرد، وشارك الباحث صبري يعاقبه والباحثة جمانة جنازرة من معهد ماس في إعداد دراسة تحسين قدرة القطاع الزراعي، بينما شارك كل من الباحثين إسلام ربيع والباحثة رحيق حوراني من معهد ماس في إعداد دراسة تحسين قدرة قطاع الصناعة الفلسطيني.
افتتح الجلسة منسق البحوث في المعهد د. سامح الحلاق مؤكداً على أهمية الموضوعين، خاصة في ظل انعكاسات وتداعيات الحرب الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني وما رافقها من تحديات لكافة مقومات هذين القطاعين منذ بدء العدوان على قطاع غزة. كما قدم د. ماهر الكرد الدراستين مشيراً إلى أن الهدف من الدراستين البحث عن إمكانيات تحسين الأداء في قطاعي الزراعة والصناعة ضمن محددات الوضع القائم، أي ضمن إطار الاتفاقيات الموقعة للحكم الذاتي المحدود في الأراضي الفلسطيني المحتلة عام 1967، واقتصار الدراستين على حدود الضفة الغربية فقط كون التدمير الشامل للنشاطات الاقتصادية في قطاع غزة نتيجة حرب تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بحاجة إلى متطلبات أخرى ودراسات منفصلة. إلى جانب ذلك، قدم كل من المهندس محمود فطافطة مدير عام العلاقات الدولية في وزارة الزراعة، والسيد بسام ولويل عضو مجلس الإدارة في الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، والسيد عبده ادريس رئيس اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية مداخلاتهم على دراسة "تحسين قطاع الزراعة الفلسطيني"، فيما عقب كل من د. ماهر حشيش الأمين العام لاتحاد الصناعات الفلسطينية، والسيدة منال فرحان مستشارة وزارة الصناعة، بالإضافة إلى السيد عبده ادريس على دراسة "تحسين قدرة قطاع الصناعة الفلسطيني".
أشار المهندس فطافطة إلى تعدد التحديات التي تواجه القطاع الزراعي بدءاً من انخفاض مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي منذ سبعينيات القرن الماضي حتى الوقت الراهن نتيجة ظهور قطاعات أخرى أسهمت بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي مثل قطاعي الخدمات والاتصالات، ومعاناة قطاع الزرعة من تفتت الملكيات الزراعية وتعدد الحائزين الزراعيين نتيجة المتاجرة في الأراضي الزراعية وتعدد الورثة للملكيات والأراضي الزراعية. بدوره أشار المهندس فطافطة إلى ضرورة صياغة استراتيجيات وطنية تركز على استغلال المساحات الزراعية وزراعتها بالمحاصيل المتنوعة من الخضراوات وأشجار البستنة المثمرة، كما أوصى بأهمية عقد شراكات متعددة بين مؤسسات القطاع الخاص المحلية والمؤسسات الأهلية والمزارعين الأفراد لدعم وتطوير قطاع الزراعة.
كما أكد السيد ولويل على مكانة القطاع الزراعي في الأراضي الفلسطينية باعتباره ركن أساسي من مقومات الاقتصاد الفلسطيني، وأوصى بأهمية توجيه المزارعين نحو استخدام مدخلات الإنتاج ذات الجودة العالية وزراعة المحاصيل الأكثر طلباً في السوق الفلسطيني، وإنشاء مجالس زراعية واستشارية تنظم آليات العمل في القطاع الزراعي، وتسهيل وصول المزارعين للتأمينات الزراعية لحمايتهم في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية، وتقديم إعفاءات ضريبة للأفراد العاملين في مجال التصنيع الغذائي والزراعي.
فيما يتعلق بتحسين قدرة قطاع الصناعة في السياق الفلسطيني، أشاد د. حشيش بأهمية الدراسة وملامستها للواقع الحالي لتكون مرجعية لصناع القرار، وأكد على أهمية تقديم برامج وتدخلات سريعة للحفاظ على مستوى العمالة في قطاع الصناعة خاصة مع تسريح عدد كبير من العاملين في هذا القطاع منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإنشاء برامج إنعاش طارئة بالتعاون مع المانحين والمنظمات غير الحكومية لتعزيز استمرارية المؤسسات الصناعية في ممارسة أعمالها في ظل الظروف الحالية، وإلزامية استخدام المنتجات الوطنية المحلية في العطاءات العامة كوسيلة لتعزيز المنتج الوطني ودعم الاقتصاد المحلي.
إلى جانب ذلك، ذكرت السيدة فرحان أن حرب 7 أكتوبر شكلت صدمة كبيرة للقطاع الصناعي وللقطاعات الإنتاجية الأخرى، ويستدعي الوضع القائم إيجاد حلول سريعة للتعافي من تداعيات الحرب الحالية والحفاظ على القدر المستطاع من العمالة الفلسطينية في قطاع الصناعة، كما ركزت في حديثها على أهمية إعادة إحياء الصناعات التراثية والتقليدية التي تحافظ على هوية الشعب الفلسطيني، وتطوير سلاسل الإنتاج لتكون قادرة على مواجهة الظروف المتغيرة في السياق الفلسطيني غير المستقر، وتحسين البيئة الاستثمارية في قطاع الصناعة مثل إقامة المناطق الصناعية في مختلف محافظات الوطن وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة كبديل مستدام لمصادر الكهرباء التي يتم استيرادها من الجانب الإسرائيلي.
بدوره أشار السيد عبده في تعقيبه على الدراستين إلى أهمية العمل في القطاع الزراعي في الوقت الحالي لما يوفره من مصدر مهم من مصادر الدخل الثابت للمواطنين، وتقديم الدعم والإرشاد اللازمين للمزارعين في كيفية التعامل مع أساليب الزراعية الحديثة التي توفر الوقت والجهد والمال معاً. كما أوصى بضرورة صياغة استراتيجيات محلية ووطنية تهدف إلى إنشاء مناطق صناعية وحرفية متعددة لاستيعاب العمالة الفلسطينية، وتسهيل الإجراءات التي تسمح للمستثمرين وذوي العلاقة من تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، وتذليل العقبات التي تواجه التجار والمستثمرين في إدخال المواد الخام من المعابر للسوق المحلي الفلسطيني من ناحية، وتسهيل إجراءات التصدير للدول المجاورة من ناحية أخرى.
أجمع الحضور على أهمية الدراستين في ظل العدوان الإسرائيلي الحالي على الشعب الفلسطيني، وأشادوا بالتوصيات التي خلص إليها فريقا البحث مؤكدين على أهمية استغلال المياه المعالجة من محطات التنقية لمواجهة النقص في توفر المياه الزراعية، والاستناد إلى الممارسات الزراعية السليمة في إنتاج المحاصيل الزراعية، ووضع آليات وخطط عمل لتنظيم السوق المحلي وحمايته من الإغراق من المنتجات الإسرائيلية أو المنتجات المستوردة وتعزيز المنتجات المحلية الوطنية.